فص مجلة حجاب فاشون - Hijab Fashion Magazine: لست وحدك هبة ياسين

لستِ وحدك - د. هبة ياسين - مجلة حجاب فاشون ابريل / مايو 2015

د. هبة ياسين - لستِ وحدك - مجلة حجاب فاشون ابريل / مايو 2015



نسيانك صعب أكيد

أرسلت (ك) تقول:

أنا شابة في منتصف الثلاثينات, كنت متزوجة لمدة تقارب الثمانية سنوات انفصلت عن زوجي بناء على طلبي منذ ما يقارب العام, لن أنكر أني كنت أنا المخطئة في كثير من المواقف التي حدثت بيننا ولا أنكر مسئوليتي عن جزء كبير من المشاكل ولكني في النهاية وصلت إلى طريق مسدود, وشعرت أني لن أستطيع أن أكمل وشجعني كثيراً على طلب الطلاق أننا لم ننجب وبالتالي لن يتضرر آخرون من إنفصالنا.

أرسل إليكي لأني أشعر وكأن حياتي توقفت بعد الإنفصال, أنا نفسي أتعجب لهذا فأنا من طلبت الطلاق وسعيت له من الأصل ولم ينفذه زوجي إلا بعد مقاومة كبيرة... أصبحت لا أريد العمل لا أريد الخروج لا أريد رؤية الناس أو حتى مكالمتهم في التليفون, ولا أرى أن الأمر يتحسن بالرغم من مرور عام على ذلك فهل لديكي حل؟.

وإليكي أقول: 

أتعرفين لماذا لا ننسى عندما نريد النسيان؟... لأسباب كثيرة جداً...
أولاً نحن نفهم النسيان خطأ فنحن نعتقد أنه يمكننا عمل إلغاء لأي شخص من حياتنا بضغطة زر تماماً كما نفعل في أجهزة الكمبيوتر والموبايل بمعنى أننا نعتقد أنه يمكننا أن ننسى ما نريد وكأنه لم يكن, ولكن هذا واقعياً هو درب من دروب الخيال.

فالنسيان - الممكن - هو أن يظل الحدث أو الشخص في ذاكرتك بينما يخف تأثير تذكرك له مع الوقت فبدلاً من أن تتذكره في البداية وتبكي وتكتئب بعدها بدون أي ضيق حتى تجد نفسك في يوم ما ربما تتذكره وتضحك على الموقف أو على نفسك أو عليه.

كما أنه يعني أن يقل حيز تفكيرك فيه, وتذكرك ل مع الوقت أيضاً فبدلاً من أن تفكر فيه اليوم كاملاً تفكر في نصف اليوم, ثم ساعتين في اليوم ثم نصف ساعة وحتى تجد نفسك تتذكره ربما لدقائق معدودة كل يوم... وهذا يعتمد بالتأكيد على وقت فراغك, فكلما زاد وقت الفراغ في حياتك كلما طغت الذكريات على وقتك وقلبك وعقلك.

ثانياً أننا عندما نريد نسيان شيء ما, نقاوم التفكير فيه: بمعنى أنك تظل تؤكد على نفسك باستمرار ألا تفكر فيه تصحو من نومك كل يوم لتذكر نفسك بألا يخطر على بالك وتظل تردد على قلبك قبل النوم ألا يأتيك في أحلامك فماذا تكون النتيجة؟ أنك تتذكره أكثر, فلا شئ تقاومه إلا ويقاومك بالعكس خاصة الأفكار, إذا ما الحل؟... الحل ألا تقاوم, أتركه يأتي إلى ذهنك بدون أن تؤنب نفسك وتعذب روحك, سيأخذ وقته ثم يرحل سيزورك 10 مرات يومياً في البداية ثم 8 ثم 5 ثم مرتين فمرة... سينتهي الأمر مع الوقت بكل تأكيد, مهما طال هذا الوقت, طالما أنك لا تقاوم.

ثالثاً أننا نعتقد أننا سننسى سريعاً أو ربما فوراً أو بمرور زمن معين نحدده لأنفسنا, نضع لذاكرتنا dead line خيالي ونشعر بالفشل الذريع واليأس القاتل إذا مر هذا الوقت ونحن لم ننسى بعد, بينما أننا وفي حقيقة المر متفاوتون جداً في قدرتنا على النسيان وفي الوقت الذي نستلزمه حتى يخف تأثير الماضي علينا, فمنا من يمكنه (قلب الصفحة) في شهر أو إثنين ومنا من لا يمكنه ذلك قبل سنوات.

كما أن المدة اللازمة للنسيان تتفاوت جداً بحسب مدة العلاقة نفسها وعمقها فعلاقة استمرت سنوات لا يمكن نسيانها بالسرعة التي يمكن به انسيان علاقة أقل عمقاً كخطوبة أو إرتباط غير معلن.

رابعاً أننا نظن أنه كلما إنعزلنا عن ما حولنا من أشخاص وأماكن كلما سرع عذا بصفاء أذهاننا والحقيقة أننا كلما إنعزلنا كلما زادت فرصة إختلائنا بأنفسنا وبتفكيرنا وبذكرياتنا التي لا تتوقف والحل هو أن ننغمس وننشغل أكثر وأكثر بمن أو بما حولنا حتى نقلص الوقت المتاح لنا للتفكير قدر المستطاع.

خامساً أننا عندما نتذكر الشخص الذي نريد نسيانه نتذكر له كل المميزات وكل الأشياء الحلوة وكل الذكريات الجميلة... فقط ولا نتذكر الصورة الكاملة والشخص ككل بحلوه ومره, فإذا أردنا أن نساعد أنفسنا على النسيان فعلاً, فعلينا أن نذكر أنفسنا بالسلبيات ايضاً كلما طفت الإيجابيات المفقودة على السطح.

سيدتي... إمنحي نفسك الوقت والفرصة الكافيين للتعافي من ذكريات الماضي وحتى لو كنتي أنت المخطأة فعلاً, فحاولي أن تسامحي نفسك وتعفيها من التأنيب المستمر فإنتهاء زواجك كان قدراً واقعاً لا محالة, وكل ما يجب أن يشغل تفكيرك الآن هو كيفية الإصلاح من نفسك حتى تصلحي لتكوني زوجة وأم من جديد بدلاً من قضاء الوقت والعمر في البكاء على اللبن المسكوب.

وأنصحك بشدة أن تشغلي وقتك أكثر من ذلك من ذلك ويا ليتك تستطيعين أن تنهي هذه العزلة الإختيارية التي وضعت نفسك فيها فلا يمكن أن تمنعي نفسك من التفكير وإجترار الماضي طالما بقيتي بمفردك و (مع نفسك) هكذا لفترات طويلة من اليوم.

heba@mediapages.co.uk

بقلم / د. هبة ياسين

 
مجلة حجاب فاشون - Hijab Fashion Magazine © 2015 | تصميم : Rumah Dijual | تعريب : قوالبنا للبلوجر